لقد كان أبو العلاء شاعرا بكل ما في الكلمة من معنى، وأدبيا بكل ماتتضمنه كلمة أديب من معان ، وفنانا لغويا بارعا، أخضع كتابته لأصول فن الكتابة ، ولعب باللغة متنها وأساليبها لعب الصبية بالأكر ، ولكن شاعريته مع هذا قد جنحت إلى الفلسفة ،فصورت لنا الحياة أكمل تصوير فلسفي ، وفسرتها لنا أعمق تفسي مبني على تفكير وتدبر .
ومال أدبه إلي المجتمع الذي يحيط به ، فأبان معايبه أتم إبانة ، ووصفه أبدع وص ، ولم ينس شخصيته ولا نفسه التي بين جنبيه ، بل إنه أرسل عليهما ضوءا من نظمه ونثره فتركها ظاهرتين بارزتين للعيان ، لا تخفى منهما خافية تتحدث إحداهما عن الأخرى ، فيراهما من كان عل بصره غشاوة ، ويسمع حديثهما من كان في أذنيه وقر.
292 صفحة